“أن تكون مثل سمير”
- وأنا صغير زى كتير خصوصاً لما تكون ولد ومعندكش إلا أخ واحد تاني ولد برضه؛ كان عندي هاجس إن أبويا الله يرحمه بيحب أخويا أكتر مني.. مش أكتر من هاجس التلكيك والدماغ العيالي بيلاقوله ألف سبب وسبب وكلهم طبعاً فشنك.. بيدلعه أكتر.. بيهزر معاه أكتر.. بيهتم بيه أكتر.. وكنت لما أروح أقولها لـ أبويا بصراحة: (أنت بتحبه أكتر مني).. يرد: (ليه يعني؟.. خلفته هو ولقيتك إنت علي باب جامع؟.. دا كلكم إتنين وبس، ومفيش أب بيحب إبن زيادة عن إبن.. دا أنت أول واحد قال لى يا “بابا”!، إنت عارف دى تمنها قد إيه ولا تسوى كام، ربنا لما بيبعتكم للدنيا بيبعت معاكم غلاوتكم عند الأب والأم متقسمة بالعدل لا حد زيادة ولا حد أقل).. ده حوار تم بيني وبينه لما كان عندي تقريباً 10 سنين!، ولما مرت الأيام والواحد قابل وشاف وسمع اتأكدت إن رده عليا ماكنش محاولة تثبيت من أب لـ إبنه وخلاص.. لكن كلهم الأبهات بيفكروا بنفس الطريقة.. حتى “سمير غانم”!..
- من حوالى 6 سنين في لقاء لـ الفنان “سمير غانم” الله يرحمه في برنامج (100 سؤال) اللي كان مذاع على قناة الحياة سألته المذيعة اللبنانية “راغدة شلهوب” سؤال مباشر: (مين أكتر نجاحاً وموهبة في بناتك إيمى ولا دُنيا؟).. السؤال يبان محرج جداً لإن طبعاً الواقع بيقول إن “دنيا” أكتر نجاحاً وموهبة من “إيمى” حتى بمعايير السوق ده غير طبعاً إن “دنيا” بتمثل وبتغني لكن “إيمي” بتمثل بس، وكمان بدأت بعد أختها فعنصر الوقت في صالح الأولى أكيد.. صعوبة السؤال كمان في إنه تم توجيهه لـ أب ولازم وبسبب طبيعة البرنامج يجاوب إجابة صريحة ويختار واحدة بس منهم والدبلوماسية مش هتنفع!.. “سمير” فكر قبل ما يرد لمدة 4 ثواني بالعدد زى ما باين في الفيديو الموجود على اليوتيوب، ورد: (“دنيا” طبعاً بس “إيمي” طالعة ليا، شبه “سمير غانم” يعني، وكمان اللدغة بتاعتها تحفة لدرجة إن وهي طفلة الدكتور عرض عليا إنه يحل لها مشكلة اللدغة دي عن طريق إنه يقطع لها حتة صغيرة مـن لسانها وأنا اللي رفضت، لدغتها بتديها أنوثة ورقة ومخلياها طفلة دايماً).. إجابة ذكية منطقية بدون ما حد يزعل وفيها عدل أبوى مش كتير يقدروا يعملوه.
- في الدنيا مفيش أوبشن إنك تعدى عليها بدون ما تستمتع بـ خوف وحضن وشخط وقبلهم حب الأب.. لو خدت منه شوية حنان وبعدها حصل أى ظرف بعدكم عن بعض هتلاقي الشوية دول هما الزقة اللي هتخليك تكمل حياتك بعده.. حتى اللي جُم الدنيا بدون ما يلاقوا أب أو سند بتلاقي القدر خدمهم وحط في سكتهم في مرحلة ما أب بديل في صورة تانية.. الشخص الوحيد اللي مش هيغير من نجاحك ولا هيحسدك عليه وهيتمنى تكون أحسن منه بدون نفاق وبدون ما يكون عايز منك أى حاجة هو أبوك.. وأبوك هو برضه نفسه الشخص اللي كتير منا بيعرفوا قيمته متأخر كإن حد سابك عريان وشد الغطا من عليك فجأة في عز التلج.. لما أبويا الله يرحمه اتوفى كنت تايه ومش متماسك ومتوه وعيني زايغة وكان راجع معايا من المقابر واحد قريبى في العربية وبالصدفة كان والده متوفي من سنة قبلها فسألته أنت حسيت بإيه لما أبوك مات؟.. رد بجملة واحدة بس وقال: (برد) .. الأب أول صاحب للإبن و أول حب للبنت.. عندي صديقة عزيزة اتخطبت مرتين وفركشت وبعدها اتجوزت مرة وانفصلت ومحصلش نصيب؛ دايماً بتقول: (الراجل الوحيد اللي مندمتش ولو لـ لحظة إنى حبيته هو أبويا )..كل واحد فينا عنده مواقف مع والده.. الثابت فيهم كلهم إنه اتعلم منه من خلالها أثناء حياته أو بعد الوفاة.. أنا من الناس اللي عرفت قيمة والدي الله يرحمه وحجم غلاوته في قلبي بعد وفاته.. إحنا بنعتاد وجود الأشخاص النعم ظناً مننا إن وجودهم دايم.. في مجموعة مقالات متتالية هتكلم عن أبويا، وهحاول أحكي عن شكل علاقتنا، وعلاقات ناس تانية برضه مع أبهاتهم.. يمكن من خلال اللي هتقراه تشوف الأمور وشكل علاقتك إنت الشخصية مع والدك من زاوية مختلفة وتحاول تلحق اللي غيرك ماقدرش يلحقه.