“جيب أبوك”
حسن الفقي” كتب على تويتر موقف بينه وبين والده فبيقول: وأنا طفل أبويا إتزنق فى فلوس، وكان عندنا تليفزيون كبير كده فقرر يبيعه.. الناس اللى هتشتريه جت عشان تاخده فدخل عليا الوضة لقاني قاعد فى ركن وبعيط.. سألني: مالك.. قولتله: مش هشوف كابتن ماجد تاني.. طلع أبويا للناس وقالهم: معلش يا جماعة مش هينفع والله.. ومابعهوش!.
- الشاب السعودي “نائل” لما بيطلب من أمه فلوس قبل ما يخرج مع أصحابه بتقول له: (خُذ من جيب أبوك).. تمام وإيه الغريب فى كده ما هو ده بيحصل حتى عندنا فى مصر!.. “نائل” بيقول: (على فكرة ابوي الله يرحمه متوفي من ٨ سنوات وأمى محتفظه بآخر ثوب له وكل الفلوس تحطها فيه عشان ماينقطع حسه بالبيت، والله من ٨ سنوات تقول لنا خذوا من جيب أبوك).
- د.”ميسرة” إبن الدكتور “يحيي الأحمدي” كتب عن جملة كان دايماً والده الله يرحمه يقولها ليه: (أنا لما أموت هتسمع عن اللى ساب لعياله مليون وإتنين، واللى سابلهم عمارات وأراضي.. ساعتها ماتزعلش.. أنا كنت فى الوقت اللى هما كانوا بيجيبوا فيه الفلوس دي كنت بأربي 11 ولد وبنت لو حطتهم فوق بعض ووقفت عليهم هاطول حتة من السما بإيدي).
- في الباب المخصص للقصص الإنسانية فى جريدة (نيويورك تايمز ) المواطن الأمريكى “دان كلارك” بيحكى عن قصة حصلت معاه هو و والده “كلارك” فـى ولاية (أوهايو ) من 25 سنة ومقدرش ينساها.. والده كان واعده هو وأخته بـزيارة للسيرك كـمكافأة ليهم لتفوقهم الدراسى فى آخر أسبوع.. خدهم وراحوا ووقفوا فى طابور حجز التذاكر قبل مدخل خيمة السيرك.. واقف هو وأبوه وأخته.. كانوا رقم 2 فـى الطابور وقبلهم فيه أسرة تانية بسيطة واقفة بتحجز مكونة من أب وأم و 8 أطفال !.. شكلهم مش أغنياء ولبسهم مش غالى بس نضيف.. الأب والأم ماسكين إيد بعضهم فـى أول الصف وحواليهم على جنب العيال ماسكين إيد بعض إثنين إثنين وعمالين بيتكلموا عن البلياتشو والأفيال والحاجات اللى نفسهم يشوفوها جوه اليوم ده.. “دان” بيقول إنه كان ملاحظ ورغم سنه الصغير وقتها قد إيه إن كان باين إن اليوم ده مميز جداً فى حياة الأسرة البسيطة دى وخصوصاً الأطفال.. أبو العيال وصل لـ شباك التذاكر وطلب من الموظفة 10 تذاكر إتنين للكبار و 8 للأطفال.. الراجل بمجرد ما سمع الرقم اللى اتقال ساب إيد مراته وملامحه إرتبكت ووطى على الموظفة وسألها تانى وشفايفه بترتعش: كم قلتِ ؟.. الموظفة كررت الرقم تانى.. “دان” بيقول ورغم إنه كان واقف وراهم كان شايف الموقف بتفاصيله و فجأة بص على يمينه ولقى والده “كلارك” اللى كان بيراقب الموقف من الأول زيه بالظبط دخل إيده فى جيبه وخرج منها 20 دولار ووقعها على الأرض وزاحها لـ قدام شوية بـرجله وبعدها راح نده على الأب اللى واقف عند الشباك وقال له وهو بيوطى يجيب الفلوس: (معذرة يا سيدى لقد سقطت منك هذه النقود).. الأب فهم وبص فى عين “كلارك” والد “دان” ومسك إيده خد منها الفلوس وضغط بكف إيده التانية على إيده جامد وهز راسه بمنتهى الود وعينه بتشكره.. “دان” وقتها و زى العيال قعد يرفص هو وأخته مـن الغيظ لأن المبلغ ده عمل عجز فـى ميزانيتهم هما وبص لـ أبوه اللى قال لهم بمرح: (ما رأيكم لو أجلنا زيارة السيرك للأسبوع القادم، ولنذهب إلى المنزل اليوم وسأتولى مهمة قلى البطاطس وإختيار فيلم فيديو نسهر عليه؟).. “دان” بيقول: (شعر أبى بمعاناة هذا الأب وساعده دون أن يهتم أن يوضح لنا لما فعل هذا، أبى عظيم وهذا الموقف علمنى أنا أيضاً كيف أكون أب عظيم).
- عندى طبع غلس شوية فى المناسبات خصوصاً الأفراح وكتب الكتاب.. لو ماكنش عندى ظرف قهرى نادراً لما بحب أروح أحضر لأنى غالباً بوصل متأخر ولو ماكنتش المناسبة لـ حد عزيز جداً تقريباً مش بروح منعاً للإحراج لما يشوفونى واصل بعد الهنا بـ سنة وبكتفى بمكالمة أو مباركة بعدها على رواقة.. بس المرة دى وقبل رمضان من 5 سنين تقريباً ماكنش ينفع أعتذر عن المشوار ده بالذات عشان كتب كتاب أخو صديق عزيز له فضل عليا بعد ربنا سبحانه وتعالى فى حياتى المهنية وكمان كان فى إسكندرية يعنى خطوتين فمفيش مجال للدلع.. كتب الكتاب فى مسجد ( قباء ) فى سموحة فى إسكندرية.. وأنا نازل مـن العربية بسرعة وحالتى بالبلا وأنا على باب المسجد سمعت زغاريط من جوه وشُفت واحد بيفرقع صواريخ فى المدخل ففهمت إنى كالعادة وصلت متأخر.. خلعت الشوز وحطيته تحت باطى ودخلت وأنا بنهج وبقول يارب ما يكونوا خلصوا.. بس للأسف مـن المنظر العام وتوزيع كانزات البيبسى والشيكولاتات كان باين إن الإمور فركش.. بضرب بـ عينى لقيت أبو العروسة واقف مع العريس على جنب وفيه كام شاب ملمومين حواليهم منهم صاحبى أخو العريس قلت أروح أتفرج وبالمرة أخليه يشوف وشى عشان يعرف إنى جيت.. لما قربت أكتر لقيت الناس الملمومة ساكتين وبيتفرجوا بتركيز على أبو العروسة اللى كان بيطبطب بكفين إيده على خدود العريس بالراحة وبيقول له وهو تقريباً بيعيط: (دينا يا محمد.. دينا يا محمد.. ورحمة أبوك دينا يا محمد.. لو مش قد الجوازة دى بالله عليك سيبها إحنا لسه على البر ).. بصراحة إستغربت وقلت فى بالى إيه الأب الأوفر ده هو لسه فاكر يوصيه عليها دلوقتى! ..العريس كان بيهز راسه وبيبتسم وبيوافق على كلام الأب وعشان يعدى الموقف ويخلع يرد عليه بكلام من نوعية: (فى عينيا يا عمى.. ماتخافش.. دى أمانة)، وبعدها يطبطب على كتف أبو العروسة وييجى عشان يبعد ويسلم على باقى الناس الموجودة فأبوها يشده تانى والدموع فى عينيه ويوصيه تانى وتالت ورابع!.. الموقف استدعى تدخل أخو العريس وناس مـن القرايب الكُبار من السن اللى حاولوا يشدوا الأب عن العريس بلطف ويقولوله: (لا حول ولا قوة إلا بالله ما تقلقش يا عم سعيد دا بقى جوزها مش حد جاى يخطفها).. فالأب يرد عليهم: (أول فرحتى يا ناس؛ ده بياخد حتة منى)، وراح ملفوف للعريس للمرة الخامسة وقال له وهو بيبكى حرفياً: (خليك أب كويس يا محمد أى حد ينفع يبقى زوج بس مش أى حد ينفع يبقى أب).. الموقف كله على بعضه كان غريب وشخصية أبو العروسة كانت أغرب وإحنا مروحين بقول لـ مصطفى صاحبى: (غريب حما أخوك ده؛ شكله بيحب بنته زيادة).. رد عليا: (طب وهتقول إيه لو عرفت إنها مش بنته ؟ دى بنت مراته بس هو اللى مربيها؛ ما هو الأب مش اللى خلف بس)!.
- أى شخص ممكن يخلف.. لكن مش أى حد ينفع يكون أب.. كم القصص اللى بتتسمع أو بتتشاف من قريبين بتقدر تعرف من خلالها صعوبة مهمة الأبوة دي، وإن موضوع المسئولية مش سهل.. يمكن عشان كده لما صديقتي “إيمان” جابت بنتها “فاطمة” للدنيا كانت بتستقبل تهانى الناس ومباركتهم ليها على المولودة الجديدة بـ رد فعل مش مألوف فى المواقف اللى زي دي!.. (مبروك على إيه بس أنا مرعوبة ومش عارفة هربيها إزاى!).. أربيها زى ما أبويا وأمى ربوني من أكتر من 25 سنة؟.. ترد الكلمة بعشرة، ولا تحافظ على أدبها حتى لو إتشتمت؟.. إن الدنيا لسه فيها الخير والأمان فى الشوارع عادي، ولا أقول لها تخلّى بالها إن حد يلمس جسمها أو يبص لها بنظرات معينة؟.. إن يبقي ليها حياتها الخاصة ومساحتها الشخصية؟، ولا إنها تيجي تحكيلي عن أى حاجة تحصل معاها عشان نلحق أى خلل بدري؟.. (أنا مش محتاجة حد يباركلي أنا عايزاكم تدعولي ربنا يقدرني على تربيتها).. بس الحقيقة إن ممكن “إيمان” تكون مزوداها شوية لأن بطريقتها دى مفيش حد لا هيتجوز ولا هيخلف.. إحنا مش هنترهبن يعنى!.. إحنا بنربي عيالنا وبنتربي معاهم فى نفس الوقت.. دي حرب مع الدنيا بس إحنا وهما فى صف واحد ضدها.. حرب مفيش منها هروب ولا خلعان.. بتزرع فيهم اللى هتلاقيه طارح فيهم بكره.. ممكن جملة أو تصرف بسيط منك يفضل محفور فى ذهن إبنك أو بنتك ويورثه لـ ولاده وولاد ولاده ويسمعه ناس مايعرفهوش زى ما حصل فى المقال ده!.. ولادك بيكتشفوا علاقتك بيهم مع تذكر مواقفك معاهم فى تربيتهم.. الخوف من الخلفة خوف ملوش مبرر من شيل المسئولية.. حتي لو حظك كان وحش فى تربية سوية سليمة فلسه عندك فرصة تصلح ده مع ولادك وتخليهم يشوفوا اللى ماكنش ليك نصيب وحظ تقابله من أهلك.. طيب تقول إيه فى أهالي عملوا كمية وأشكال من التضحيات مستحيل تتصدق عشان خاطر ولادهم.. تضحيات هي أشبه بالمعجزات حرفياً.. أهالي من كل طبقة، وبمختلف ظروفهم سواء مقتدرين أو حالهم على القد.. لكن للحكاية حكاية، وتلك حكاية أخرى.