سلسلة حكايات يومية عادية.. حكاية 10: “هو فاقد الشيء.. يعطيه؟”

“فاقد الشيء لا يعطيه” حكمة اتنقلتها الأجيال  من غير ما يتعرف ايه هو  مصدرها الحقيقي أو اتقالت امتى وليه.. زي حاجات كتير بتتنقلنا وبنسلم بيها من غير تفكير

الحكمة بتقول “أن من لم يشعر بالشيء أو حُرم منه لن يصبح قادراً على إعطائه، يعني اليتيم/ة مش هيقدر  يكون أب/ أم، وأن من ظُلم هيظلم”

فضلت مقتنعة بالكلام ده من غير ما افكر.. لحد ما

قالتلي “فاقد الشيء هو أحسن شخص ممكن يديه.. لأنه مجرب وجعه”

لما تشوفها من بعيد هتلاقيها كتلة طاقة وحيوية..  عارفين البطلة المبهرة في الأفلام هي حاجة شبهها كده

ماكناش صحاب أوي..  آخرنا صباح الخير وكلمتين وقت الفطار كده.. بس كنت ببتسم تلقائي كل ما اشوفها

في فترة لاحظت إنها كانت بتتأخر كتير في الشغل.. ولما بتيجي بتبقى قاعدة لوحدها وبتمشي لوحدها

قعدت فترة مراقباها.. خست.. وبطلت تلبس الألوان المبهجة اللي كانت بتلبسها.. واللي كانت بتميزها

جمعت شجاعتي وروحتلها.. قولتلها إزيك اخبارك ايه.. هو إنتي كويسة؟

بصتلي أوي وشفت عينيها بتلمع بدموع.. وقالتلي عندي شوية مشاكل بس عادي وضحكت.. بس مش ضحكتها .. اللي كنت تسمعها من آخر الدنيا

ضحكة مقطومة.. عشان تغلوش على دمعة..زي ما تكون صرخة استغاثة.. بتنده على حد يحس بيها أو يسمعها… قالتلي وإنتي كويسة وأخبارك إيه وقلبت الموضوع عليا كعادتها

عدى شهرين وهي بدأت ترجع تدريجي لشكلها المبهر.. وضحكتها المجلجلة بس دايماً كنت بحس إن في حاجة ناقصة

زي ما تكون مكسورة.. أو مجروحة.. بس ماحدش كان شايف ده غيري فتخيلت إن دي أفورة مني وبطلت أركز معاها

اتخانقت مع صاحبة مشتركة بينا.. والصاحبة دي راحت اشتكتلها.. مش عارفة إذا كنت قولت في الأول ولا لأ وحتى لو مقولتش هقول تاني.. هي كانت الشخص اللي قلبه مفتوح لكل الناس وتقدر تحكيلها أي حاجة وإنت مآمن ومطمن إنها هتحفظ سرك وهتساعدك بكل اللي تقدر عليه

كلمتني وحاولت تقرب وجهات النظر بيني وبين الصديقة دي.. والحقيقة هي كان عندها القدرة إنها تشوف الحلو اللي في الناس طول الوقت.. فقدرت تخليني أعرف أسامح وافتح قلبي لصاحبتي دي ومشكلتنا تتحل

سألتها.. إنتي إزاي بتعرفي تعملي كل ده.. تسمعي دي.. وتطبطبي على ده.. وتقفي جمب دي وكل ده في نفس الوقت

إنتي أعظم شخص أنا شفته في حياتي

عادة لما حد هيتقاله كده هيضحك هيتبسط.. هيبتسم ابتسامة اللي هو شكراً شكراً أنا عارف إني عظيم.. أو عالأقل لو هيحاول يتواضع هيبتسم ابتسامة المكسوف كده

رد فعلها كان أبعد حاجة عن كل ده.. دمعت وبصت في موبايلها عشان ماخدش بالي إنها بتدمع

قالتلي بصي.. كل واحد فينا في حاجة ناقصاه.. عارفة المثل بتاع فاقد الشيء لا يعطيه… أنا مؤمنة إن فاقد الشيء هو أفضل من يعطيه.. عشان هو الوحيد اللي بيبقى عارف فقده ده ممكن يعمل إيه في البني آدم.. بس طبعاً دي الناس السوية يعني أو اللي بتحاول تبقى سوية

عشان النوع التاني بيبقى عايز كل الناس تعاني زيه.. اشمعنا كل دول عندهم وأنا لأ.. عنده طاقة غضب بيوجهها لأي شخص حواليه

المهم يا ستي أنا طول عمري مفتقدة الاحساس بالأمان مش مهم الأسباب لأني مش هقدر أغيرها.. بس غياب الأمان ده خلاني مش عايزة أي حد تاني يحس بيه

عشان كده لما بكون سبب في إن أي شخص يحس بأمان ولو حتى للحظة.. بحس إني هقدر أنا كمان أستقبل الأمان في يوم من الأيام  زي ما بديه.. وأديني مستنية وضحكت ضحكتها الملعلعة

وقالتلي أنا همشي بقى عشان اتأخرت….

النهاردة.. أنا مشفتهاش بقالي سنين.. بس بتابع أخبارها من بعيد

عرفت إن حصلها مشاكل كتير.. وعملت حادثة وقعدت فترة بتتعالج.. وخفت ودلوقتي حياتها مستقرة على حد علمي يعني، كنت بدعيلها طول الوقت تلاقي جزء من الأمان والسعادة زي اللي بتديهم للناس اللي حواليها.. و عايزة اشكرها لأن بسببها أنا بقول لبنتي دلوقتي ” فاقد الشيء قد يكون أفضل من يعطيه”. 

Related Articles

Back to top button