سلسلة حكايات يومية عادية حكاية 8: الصبر جميل

من زمان أوي على حسب ما أوعى على حياتي وأنا صغير يمكن تانية أو تالتة ابتدائي كده وإحنا كلنا عارفين في البيت قد إيه أبويا بيحب “الصيد” ومهتم بيه بشكل مش طبيعي لدرجة إنه عادي ينزل يصطاد الساعة 2-3 الفجر عشان فيه سمك معين بيظهر في الوقت ده وعلى حسب ذاكرتي كان منه “القراميط” وكمان “الكراكير” أو الزقازيق ومش المحافظة لأ وده نوع له صوت مميز اللي بيصطاد أكيد عارفه.. ومن كتر حبه للصيد كان دايمًا بيعلمهولنا

وعشان ندخل في الحدوتة على طول.. كنت في ابتدائي تقريبًا وأخويا في إعدادي وفي يوم صحينا الصبح واتفقنا كلنا أنا وأبويا وأخويا الكبير خلاص النهاردة هنروح نصطاد والغدا هيكون سمك من اللي إحنا هنجيبه.. لمينا شُنط الصيد وفيها كل الحاجات اللازمة من خيط وتُقّال وسنون وكل حاجة عشان لو صنارة باظت تتصلح ومعانا صنارتين مكن ودول بتوع بابا وصنارة غاب وصنارة شمّاط زي الصورة كده

إحنا عايشين في قرية في الغربية وفيها ترعة كبيرة أو نقدر نقول فرع صغير من النيل فاتحركنا ووصلنا لأولها كده على الظهر تقريبًا وبدأنا نصطاد وبعد ساعة أو أكتر ماحدش فينا جاب حاجة خالص فبابا قالنا إنه هيتحرك قدام شوية يمكن الدنيا تظبط

فضلت أنا وأخويا.. أنا بصطاد بالصنارة الغاب وطُعم عادي وساعات عيش عجين كده وأخويا بيصطاد بالشمّاط وده مش محتاج طعم لأنك بتصطاد بيه السمك اللي على جرف “شط” البحر وفضلنا ساعات لحد ما جينا بعد العصر وبابا من كتر الزهق إن مافيش سمك عدى علينا وقالنا هروح عشان نشوف حاجة تانية نتغدى بيها.. أخويا الشمّاط بتاعه اتقطع وقعدنا نصلحه تاني وقولتله أنا جبت آخري وهروح.. قالي أنا قاعد شوية

المغرب دخل علينا ولقينا أخويا جاي جري من كتر الفرحة وهو جايب سمكة بلطي كبيرة أوي متعلقة في الشمّاط من المكان اللي بنصطاد فيه لحد البيت ومش راضي يفكها ودخل علينا البيت وهو على وشه فرحة هيستيرية كأنه اصطاد أكبر سمكة في العالم وصمم إن هو هيتغدى بيها ومش هياكل من الأكل اللي عملناه

 

في اللحظة دي اتعلمت إن النجاح ممكن في الوقت اللي أنت مش متوقعه.. وكل محاولة لحاجة حتى لو هي بسيطة ممكن تكون مفتاح تغيير لحاجات كبيرة لأن إحنا أوقات بنفقد الأمل بسرعة أو بنستسلم لو محاولة أو اتنين فشلوا لكن غالبًا لو كملت وصبرت هتشوف فرق أو هتشوف نتيجة تبسطك.. يمكن السمكة اللي أخويا اصطادها كانت مجرد وجبة أو انتصار لحظي وقتها لكن أنا من ساعتها لحد النهاردة بشوفها درس في الصبر والإصرار والثقة إن المجهود والتعب والوقت عمرهم ما هيروحوا على الفاضي وهيكون ليهم نتيجة وهتفرح بيها فرحة كبيرة

 

ومن ساعتها عرفت فعلًا إن “الصبر جميل!”

Related Articles

Back to top button