شباب وبنات بيحكوا قصص وشهادات شخصية مع التنمر.. أثرت فيهم وفاكرينها لحد دلوقتي
قبل ما نبدأ الموضوع.. خلينا نرجع بالزمن شوية صغيرين كده لشهر فبراير سنة 2023.. فاكرين قصة الطالبة “رودينا”؟
حادثة وفاة الطالبة “رودينا أسامة” اللي كانت في الصف الأول الثانوي وعندها 16 سنة.. رودينا رجعت بيتها في حالة انهيار بعد التنمر اللي تعرضتله في المدرسة.. وحكت لاختها عن المضايقات اللي شافتها من زميلاتها.. المضايقات والتنمر دول كانوا عبارة عن تريقة على شكلها.. كلام من نوعية: “إنتي مش من مستوانا عشان تلعبي معانا”.. “انتي شكلك وحش”.. “انتي إزاي مستحملة شكلك”.. فالبنت راحت البيت عيطت وانهارت لأهلها.. وبعد كده وقعت فجأة وماتت.. وبعد الكشف الطبي اكتشفنا إن كان جالها أزمة قلبية حادة.. وكله بسبب التنمر.
الحكاية دي كانت قصة واحدة من ضمن آلاف القصص اللي بتبين قد إيه التنمر مش مجرد مشكلة بسيطة أو هزار لكنه بيأثر بشكل كبير على الصحة النفسية وممكن يوصل للوفاة أو الانتحار.
خلينا نبدأ موضوعنا بتعريف التنمر لو حد مايعرفش معناه.. وبعد كده نعرضلكوا شهادات شخصية وحقيقية عن التنمر من على لسان صحابها.
تعريف التنمر حسب اليونيسف هو شكل من أشكال العنف اللي بيعمله طفل أو مجموعة أطفال ضد طفل تاني أو يضايقوه بشكل مقصود ومتكرر.. وبيبقى للتنمر أشكال كتير، زي المضايقة بالكلام، التهديد، الضرب، وكمان ممكن يبقى بحركات وأفعال مش واضحة أوي كده.
طيب إيه الفرق بين الهزار والتنمر؟
أي طفل ممكن يتعرض لهزار سخيف شوية أو رخامة من صحابه.. وده مش حاجة مضرة أوي لو كان الموضوع هزار وفيه قبول من الطرفين.. بس الموضوع بيتحول لتنمر لما الكلام يبقى جارح ومقصود وبيتكرر.. يعني لما يعدي الفرق ما بين الهزار والمضايقات الخفيفة ويبقى الهدف هو أذية الطفل التاني.. والطفل التاني هو اللي يقدر يحدد ده هزار ولا تنمر.. يعني مش الطرف اللي بيهزر أو بيتنمر.
وعشان كده فيه 3 حاجات بتفرق التنمر عن أي سلوكيات تانية: إنه يبقى مقصود – إنه يبقى بيتكرر – إن يبقى فيه اختلال قوة.. يعني طرف قوي وطرف ضعيف
شهادات شخصية عن التنمر:
أحيانا الناس بتشارك تجاربهم وشهاداتهم مع التنمر.. وأحيانا بيحتفظوا بالوجع ده لنفسهم.. وسألنا بعض الشباب عن قصص تعرضهم للتنمر وهم صغيرين وشوفنا شهادات تانية صحابها نشروها على السوشيال ميديا.. وده كان جزء من الشهادات والقصص:
أولا.. شهادات شخصية عن التنمر الناس شاركتها معانا:
1- “أنا كان بيتقالي يا أبو 4 عيون عشان بلبس نضارة.. وكان فيه تنمر من نوع غريب كده.. اللي هو ياعم لا ده دحيح مالوش في الكلام ده.. أو سيبك منه ده بتاع مذاكرة مالوش في اللعب.. فأحيانا كان بيتم تنفيري من بعض التجمعات.. فا كنت بكره كلمة دحيح دي”
2- “وأنا صغيرة كنت رفيعة وجسمي صغير.. والمدرسة ماكنش بيحصل فيها تنمر.. بس التنمر كان بيحصل برا نطاق الدراسة والمدرسة.. وفيه ناس كتير كانت بتعلق وبتقول كومنتات سلبية وسخيفة على جسمي وإني رفيعة”
3- “أنا كنت بتعرض للتنمر بسبب جسمي لإني كنت تخينة ولسه تخينة عادي.. في المدرسة في ابتدائي واعدادي مكنش عندي اصحاب وكانوا كل اللي في المدرسة بيتنمروا عليا طلبة ومدرسين.. فيه مرة فاكراها كويس أوي.. عملوا حلقة حواليا وقعدوا يلفوا ويغنوا الأتوبيس جيه وانا في النص.. كنت بكره أروح المدرسة أو انزل من البيت عموما وطول الوقت عايزة استخبى والبس اسود عشان أبان أرفع.. الجدير بالذكر إني في أولى ثانوي عملت دايت وروحت الجيم وخسيت 40 كيلو لحد ما بقيت 60 كيلو والمفاجأة إني وقتها كنت شايفة إني تخينة برضه ومهما بخس دايما شايفة نفسي تخينة كأنها صورتي عن نفسي واتحفرت جوايا”
4- “أنا من الأرياف.. ولما جيت القاهرة كانوا بيتنمروا على لهجتي.. عشان لهجتي كانت مختلفة تماما أول ما جيت القاهرة.. فكل كلمة كنت بقولها كانوا بيتريقوا عليها.. يعني هم كانوا بيقولوا “امبارح” أنا كنت بقول “عشية” فكانوا بيتريقوا عليا طول الوقت.. وكنت حرفيا فلاحة وسط أضواء المدينة”
5- “أنا كنت بتعرض للتنمر دايما من شلة معينة.. اللي هم الروشين اللي لازم يضحكوا على حد ولازم يطلعوا حد على المسرح.. واللي لو انت مش صاحبهم مش هتسلم من آذاهم.. وحتى لو صاحبهم بيتنمروا عليك ولازم تعمل نفسك بتضحك على تنمرهم عليك عشان “إحنا صحاب وبنهزر”.. بس هو عمره ما كان هزار.. وعمرها ما كانت صحوبية.. ولما كبرت أدركت إن لا دول نوعية الصحاب اللي أنا عايزهم ولا كانوا شبهي ولا أحب إن يبقى فيه في حياتي ناس زيهم”
6- أنا رفيع، ماعنديش عضلات، وجسمي مش فورمة والكلام ده.. كنت في الأول إلى حد ما متقبل الموضوع ده لأني لسه ماكونتش جسمي، أو من الآخر لسه ما أخدتش القرار إني أروح الجيم. الفكرة إن إحنا كرجالة في مجتمع زي المجتمع المصري لازم نمشي على شوية قواعد عشان نبقى “رجالة” فعلًا.. لازم نتكلم بشكل معين، لازم نقعد بشكل معين، لازم يبقى لينا شكل معين، وجسم معين، ولو مش موجود الشكل أو الجسم ده، بـ تبدأ تحس إن أنت مقصر، وبـ تبدأ التعليقات السخيفة من نوعية: “مفيش راجل جسمه كده”.. “البنت لو ماعجبهاش شكلك، مش هـ تبص لشخصيتك”.. “أنت مالك رفيع كده ليه؟ مين بـ ياكل أكلك؟”.. “لو جسمك وشكلك مش حلو، الروح والشخصية الحلوة دي تخليها لأمك”
ثانيا.. من شهادات الناس شاركتها على السوشيال ميديا:
1- “وأنا فى الجامعة طلعت نكتة على واحد معانا وانتشرت في الجامعة كلها: “جسمك ده يا أحمد ولا جسم أمك”.. ولما كبرت افتكرت مدرس الألعاب اللي كان في مدرستي وأنا صغير.. كان حاططني في فريق قرر يسميه فريق البط عشان كل اللي فيه تخان.. وأنا كنت كابتن فريق البط”
2- “أنا بنت سمرا، وطبعًا في كل مراحل تعليمي كنت بـ تعرض للتنمر، ويتقال لي “يا شيكولاتة”، وكنت بـ تضايق، ما كـنـتش بـ قول لماما؛ كنت بـ خاف منها؛ لإن هي نفسها كانت بـ تعرَّفني على صاحباتها، وتقول لهم “بنتي سودا، ووحشة”، وكانت بـ تقول ده هزار.. لما كنت في ثانوي مدرس الفلسفة كان بـ يقول لي: “يا بكار”، وطبعًا كان ده قدام عدد كبير؛ لإنه كان في مركز تعليمي، الولاد ضحكوا عليا لما نده عليا وما قومتش، جالي، وقالي: “إيه؟ ما قومتيش ليه؟”، قولتله: “حضرتك ما نادتش عليا”، قالي: “أنا بـ قول يا بكار، هو في غيرك؟”، الكلام ده كان 2004، كان العدد مثلًا 100، كل ده وكان الولاد لسه بـ يضحكوا، وبقوا ينادوني “يا بكار”..أنا بكره لوني جدًا لحد دلوقتي، بـ حاول أثق في شكلي، بس مش عارفة.”
3- “وإحنا أطفال كانت العيال بتضحك عليا عشان ألدغ ومكنتش فاهم ليه لحد موقف معين حولني لـ 180 درجة ومبقاش فارق معايا تريقة بالعكس كنت بضحك معاهم وبقيت فخور بأن ربنا ميزني عنهم بالميزة دى.. الحمدلله”
4- “من وأنا صغيرة أكتر كومنتات كانت بتتقالي وبسمعها “سمرا بس حلوة” أو “سمرا بس جميلة” أو “سمرا بس ضحكتها حلوة”…!!! وكأنهم صنفوا أن السمار ده عيب خلقي مثلا مع إني شايفة غير إنه خلقة ربنا فهو حاجة مميزة جدا”
5- “بمناسبة التنمر أنا اتعرضت له من أول الحضانة لغاية ما دخلت الكلية بسبب طريقتي فى الكلام وإني مش متكلم فصيح والحقيقة إني فاكر كل موقف وكل واحد كان سبب إن دا يسيب أثر في نفسيتي لغاية النهاردة.. إني صدمتهم ودخلت طب دا خلاهم يبطلوا بس أنا مش مسامح بسبب اللي عيشته بسببهم”
6- “أنا من أصحاب البشرة السمرة وبالتالي شعري كيرلي.. كنت بتشد من شعري في الفصل وبيتقالي “يا سودة” أو “يا محروقة”.. والأنقح المدرسين ماكانوش بيبدوا أي اعتراض.. كبرت وقربت أخلص دراستي بس عمري ما نسيت”
7- “وأنا صغيرة كان نظري ضعيف.. وكنت رفيعة و ضعيفة.. بس كنت أشطر واحدة في الفصل.. كانوا مسميني “مديحة كشافات” أو “أم ضب” برغم إني احلويت عن وأنا صغيرة.. إلا إنه مازال مأثر فيا”
8- وانا صغير كان ديما بـ يتقالى:”لازم تبقي راجل قوي.. ماينفعش تصاحب المدرسين عشان هـ تبقى فرفور. لازم تبقي شاطر وتصاحب ناس معينة.. عندك علاقات ومسيطر.. ماينفعش يبقى عندك كرش.. ماينفعش تبقى شاطر وتطلع من الأوائل.. ماينفعش تبقى دحيح.. ماينفعش تقعد فى أول صف.. ولازم تلعب كورة! لو حد ضايقك ما ينفعش تشتكى.. إيه ده انت رحت اشتكيت لمامى! طب وهـ تيجى بقى تحطلك مرهم عالواوا؟!”
وزي القصص والشهادات دي اللي صحابها شاركوها.. فيه آلاف القصص زيها.. وده ياخدنا لمين أغلب الأطفال اللي بيتعرضوا للتنمر؟ وبيأثر عليهم إزاي؟ ونعمل إيه عشان نواجه التنمر؟
الأبحاث بتوضح إن الأطفال اللي بيتعرضوا للتنمر غالبًا بيكونوا:
- مختلفين: سواء في الشكل أو الخلفية الثقافية والدينية أو حالتهم الاجتماعية أو لو عندهم مشاكل صحية أو إعاقات
- متفوقين أو موهوبين بشكل مميز: عشان العين بتبقى عليهم وبيبقوا مميزين فالمتنمرين بيغيروا وبيحقدوا عليهم.
- المنطويين أو عندهم رهاب اجتماعي: اللي ما بيتكلموش بصوت عالي ومابيعترضوش ومابيعملوش شقاوة أو قلق بيكونوا ضحايا أسهل للتنمر.
- الطلاب الجدد: زي الطفل اللي لسه داخل مدرسة جديدة أو فريق جديد.
- المسالمين: اللي ما بيدخلوش في مواجهات أو خناقات أو جدال مع حد.. أو زي ما احنا بنقول اللي ماشيين جنب الحيط.
ومع كل اللي فات ده.. مش لازم يكون الطفل بيطابق أي حاجة من اللي فوق.. لأن في الحقيقة أي طفل ممكن يكون عرضة للتنمر والإساءة.
الاختلافات الشخصية وشدة الفعل المؤذي ومدته بتأثر بشكل كبير على التأثير اللي بيسيبه على الطفل.. لكن الآثار الشائعة بتكون: فقدان الثقة بالنفس – صعوبة في التركيز وضعف المستوى الدراسي – الكسوف والخوف من التعامل مع ناس أو أماكن جديدة – احتمال يواجه مشاكل في صحته النفسية زي الاكتئاب والقلق وفيه حالات شديدة ممكن توصل للوفاة أو الانتحار.
ومواجهة التنمر كلها هتحصل بحاجات بديهية جدا.. إن الأهل نفسهم مايتنمروش على ولادهم.. ويسمعوهم كويس ويحاولوا يركزوا معاهم لو حصل أي تغيير في شخصيتهم.. ولو عرفوا إنهم بيتعرضوا لتنمر يتدخلوا فورا ويروحوا المدرسة عشان يتكلموا مع المدرسين والمديرين ويمنعوا ده.. والمدارس والجامعات لازم يحطوا سياسات واضحة وصريحة ومفيهاش أي تسامح بخصوص المتنمرين.