كل اللي محتاج تعرفه عن غسيل المخ ومراحله
أكيد عدى عليك قبل كده مصطلح “غسيل المخ”.. الكلمة دي ممكن تفكرك بأفلام ومسلسلات كتير اتعملت عن الموضوع ده بأشكال مباشرة وغير مباشرة.. بس الحقيقة إن غسيل المخ موضوع حقيقي ومعقد جدا.. وممكن تلاقيه بيحصل في أماكن مختلفة سواء في السجون أو في جماعات دينية متطرفة أو حتى في مجموعات صغيرة بتتبع قائد واحد بيحاول يسيطر على أعضائها.
تعالوا نتكلم أكتر عن إزاي بيحصل غسيل المخ.. إيه هي مراحله.. وليه فيه ناس بتقع ضحية للمجموعات دي.. ومنها هنتكلم عن الطوائف أو الـ Cults.. وإزاي ممكن نعرفهم وإيه المخاطر اللي بتيجي من الانضمام ليهم.. وإزاي التلاعب النفسي ممكن يغير تفكير الشخص وسلوكياته بدون ما ياخد باله؟
غسيل المخ بيستخدم لوصف تغيير مفاجئ في الاتجاهات والأفكار.. وبيبقى عملية منظمة هدفها تغيير معتقدات الفرد ومواقفه وسلوكه من خلال وسائل نفسية أو جسدية مختلفة.. والتغيير ده بيحصل بشوية طرق وأساليب زي مثلا (العزل – التهديد – المكافآت – التجويع – الإرهاق – الأدوية – التعذيب – فرض روتين معين – التنويم المغناطيسي) وغيرهم.. والعملية دي غالبا بتعتمد على السيطرة الكاملة على الضحية.. بتحطهم في مواقف صعبة وبتهاجم معتقداتهم الأساسية لغاية ما تكسرهم وتزرع مكانها أفكار جديدة بتتماشى مع أهداف الشخص اللي بيعمل عملية غسيل المخ.
بعض تعريفات غسيل المخ بتقول إن لازم يبقى فيه أذى جسدي أو تهديد بأذى جسدي.. وبناءا على التعريفات دي فمعظم الطوائف المتطرفة مش بتستخدم غسيل مخ حقيقي لأنها غالبا مش بتستخدم العنف الجسدي.. وهنشرح كمان شوية إيه هي الطوائف دي.. بس فيه تعريفات تانية بتقول إن غسيل المخ بيعتمد على الإكراه والسيطرة حتى لو نفسي بس مش جسدي.
مهما كان التعريف اللي هتستخدمه.. خبراء كتير شايفين إنه حتى لو غسيل المخ اتعمل زي ما بيقول الكتاب واتهيأت كل الظروف عشان يتعمل.. التأثيرات بتاعة العملية دي غالبا بتكون “قصيرة المدى”.. يعني الهوية القديمة للضحية مش بتتمسح بشكل كامل.. هي بس بتختفي مؤقتا.. ولما غسيل المخ يقف ويبطل يحصل تعزيز لـ “الهوية الجديدة”.. المواقف والمعتقدات والهوية القديمة بتبدأ ترجع تاني.
طب إحنا لو اختصرنا طرق التأثير بشكل عام هنلاقيهم بيلفوا ويدوروا في 3 حاجات أساسية:
1- طريقة الامتثال: بيخلي الشخص ينفذ الحاجة المطلوبة من غير تفكير ومن غير أي اهتمام بمواقفه أو معتقداته.. يعني “اعمل كده وخلاص”.. بالعافية!
2- الإقناع: بيغير من موقف الشخص تجاه حاجة معينة.. يعني “اعمل كده عشان ده هيخليك مبسوط – ناجح – مرتاح”
3- التعليم: وده الهدف الأكبر إنه بيحاول يغير من معتقدات الشخص.. يعني “اعمل كده عشان ده الصح”
غسيل المخ بقا بيجمع بين الأساليب التلاتة دي عشان يعمل تغييرات في طريقة تفكير الشخص بدون موافقة منه وغالبا ضد إرادته.. وممكن أصلا مايبقاش عارف أو مدرك إن كل ده بيحصل.
وغالبا الشخص اللي بيقوم بغسيل المخ لازم يكون ليه سيطرة كاملة على الهدف أو الضحية بحيث يكون الأكل والشرب والنوم واستخدام الحمام وكل الاحتياجات البشرية الأساسية بتعتمد على إرادة الشخص اللي بيقوم بغسيل المخ.. بعد كده يبدأ عملية تفكيك هوية الهدف.. وبعد ما يعمل كده يبدأ يستبدلها بمجموعة تانية من السلوكيات والمواقف والمعتقدات اللي هتبقى مناسبة للبيئة اللي الهدف عايش فيها دلوقتي.
لو حاسس إن الكلام ده معقد شوية تعالى نقسم عملية غسيل المخ لـ 3 مراحل أساسية وجوا كل مرحلة منهم شوية خطوات..
المرحلة الأولى: كسر الهوية:
في المرحلة دي.. الهدف الرئيسي بيكون تدمير ثقة الشخص بنفسه أو معرفته بنفسه.. وده بيتحقق عن طريق العزلة وحرمان الشخص من العلاقات الاجتماعية اللي متعود عليها والتحكم الكامل في بيئته.. والعملية دي بتتم من خلال 4 خطوات:
1- الهجوم على الهوية: “انت مش زي ما انت فاكر”
في الخطوة دي.. بيكون فيه هجوم مستمر على هوية الشخص ومعتقداته الأساسية… والهجوم ده بيستمر لفترات طويلة لغاية ما الشخص يبدأ يحس إنه ضايع وشاكك في نفسه ومش متأكد من أي معتقدات عنده.
2- الشعور بالذنب: “انت شخص سيء”
في نفس الوقت اللي بتحصل فيه أزمة الهوية.. الشخص اللي بيعمل غسيل المخ بيخلق إحساس بالذنب عند الضحية.. بينتقد كل حاجة عنده.. من أول معتقداته لغاية أبسط التصرفات.. فالشخص المستهدف بيبدأ يحس إنه مش بس أفكاره ومعتقداته اللي غلط لكن كل حاجة بيعملها غلط.. حياته وأفعاله وكلامه وكل حاجة غلط.
3- خيانة الذات: “اعترف إنك شخص سيء.”
لما الشخص يكون متلخبط ومليان إحساس بالذنب بيبدأ اللي بيعمل غسيل المخ يجبره على إنكار عيلته وصحابه وأي حد ليه علاقة بمعتقداته الأصلية.. وده طبعا بيزود من إحساسه بالخيانة والضياع وبيزود من شعوره بالذنب وفقدان الهوية.
4- نقطة الانهيار: “أنا مين؟”
هنا الشخص بيكون خلاص على وشك الانهيار العصبي.. بيبدأ يحس إنه خسر كل حاجة.. وكل اللي حواليه غريب ومش مفهوم.. ممكن يدخل في حالة من العياط الهستيري والاكتئاب والارتباك العام.. وهنا بقى بيكونوا جاهزين إنهم يتحولوا لأي معتقد جديد يخلصهم من الأزمة الوجودية اللي هما فيها.
المرحلة الثانية: وعد بالخلاص:
في المرحلة دي.. الشخص اللي بيعمل غسيل المخ بيقدم للضحية طريق عشان يخرجوا من الألم والمعاناة اللي بيمروا بيها.. وده بيخلق عندهم إحساس بالأمل واعتماد على الشخص اللي بيحاول يسيطر عليهم.. وده بيحصل من خلال شوية خطوات:
1- الطيبة:
بعد كل الضغط والهجوم ده.. الشخص اللي بيعمل غسيل المخ بيظهر فجأة بمنظر الشخص الطيب وبيقدم لقطة بسيطة من الرحمة.. والضحية في الحالة دي بيشوف اللقطة دي كأنها جميلة كبيرة وبيحس بالامتنان كأن الشخص ده أنقذ حياته.
2- توجيه الذنب:
الشخص اللي بيعمل غسيل المخ بيبدأ يوجه إحساس الضحية بالذنب ناحية معتقداته القديمة.. يقنعه إن السبب في كل الألم والمعاناة اللي هو فيها هي الأفكار والمعتقدات القديمة.. الضحية ببدأ بصدق إن المعتقدات القديمة هي السبب في الألم النفسي والجسدي اللي بيمر بيه وإن النظام الجديد هو المخرج الوحيد من العذاب ده.
3- التخلص من الذنب:
الشخص اللي بيعمل غسيل المخ بيقنع الضحية إن السبيل الوحيد إنه يخلص من الإحساس بالذنب هو إنه يتخلي عن كل المعتقدات القديمة ويتبنى المعتقدات الجديدة.
المرحلة التالتة: الولادة من جديد:
في المرحلة دي.. الضحية بتبقى جاهزة إنها تتحول للمعتقد الجديد.. عشان خلاص بيبقى كأنه الحل لكل مشاكلهم.. الضحية بتتحط قدام اختيار ما بين الماضي المؤلم والحاضر اللي بيقدم ليهم سلام داخلي.. الشخص اللي بيعمل غسيل المخ بيوقف الإساءة النفسية أو الجسدية اللي بيعملها وبيقدم للضحية راحة نفسية وجسدية مع المعتقد الجديد.. فالضحية بتحس إن حياتها في إيديها وإنهم عندهم حق الاختيار بين الماضي العذاب والمستقبل الجنة.. وهنا الضحية بتتقبل وتتبنى المعتقد الجديد وتبدأ “حياة جديدة” والشخص بيحس كأنه اتولد من جديد.
ده كان ملخص لتعريف غسيل المخ ومراحله وإزاي بيتعمل.. إيه هي بقى الطوائف أو الـ Cults؟ وإزاي تعرفها؟ وايه أصلا الناس ممكن تنضملها؟
الطائفة دي “مجموعة منظمة” وغالبا بتكون متطرفة.. وهدفها بيكون السيطرة على أعضائها من خلال التلاعب النفسي واستراتيجيات الضغط المختلفة.. وعادة بيكون ليها قائد قوي وبيحاول طول الوقت إنه يعزل الأعضاء عن باقي المجتمع.
بعض الأفراد اللي بينضموا للطوائف بيفضلوا أعضاء مدى الحياة.. وفيه ناس تانية بتتحرر منها وبتحكي عن تجربتها مع غسيل المخ اللي حصلهم على إيد “القائد”.. وفيه ناس تانية بتسيب الطائفة وبتقول إن تجربتها كانت إيجابية وإنهم كانوا هناك باختيارهم ومن غير أي ضغط أو تلاعب نفسي أو غسيل مخ.
ودراسة الطوائف أصلا بتبقى عملية صعبة ومعقدة جدا عشان أسباب كتير.. منها إنه صعب جدا يتم دراسة الأعضاء اللي موجودين حاليا في طائفة معينة لأنهم مش بيبقوا عايزين يخلوا حد يدخل مجتمعاتهم المغلقة.. وكمان غالبا بيكونوا شكاكين وقلقانين من أي حد برا مجموعتهم أو تنظيمهم الطائفي.
لكن فيه شوية علامات معينة كده بتبقى موجودة في الطوائف:
– السلطة المطلقة للقائد بدون محاسبة
– مفيش تسامح مع النقد أو الأسئلة
– مفيش شفافية مالية بخصوص ميزانية الطائفة أو بتصرف منين وإزاي
– مخاوف مش طبيعية من العالم الخارجي اللي غالبا بيبقى فيها نظريات مؤامرة وانهم مضطهدين
– مؤمنين إن الناس اللي كانوا في الطائفة قبل كده وسابوها غلطانين ومفيش سبب أو مبرر لأي حد إنه يسيبها
– معاملة أعضاء الطائفة بشكل سيء
– أعضاء الطائفة بيحسوا دايما إنهم “مش كفاية”
– مؤمنين إن القائد دايما صح وعلى حق مهما عمل ومهما حصل
– مؤمنين إن القائد هو الوسيلة الوحيدة عشان يعرفوا حقيقة أي حاجة.
طب ليه ممكن ناس ينضموا لطوائف؟
من برا الصورة كده صعب نفهم ليه أي حد ممكن ينضم لطائفة.. لكن العلماء لقوا إن فيه أسباب مختلفة:
1- مش عارفين إنهم بينضموا لطائفة أصلا: غالبية الناس اللي بينضموا للطوائف ماكنوش عارفين حقيقة الطائفة دي.. وأوقات بيكون عندهم مشاكل وأمراض نفسية بتخليهم أكتر عرضة للانضمام لجماعات زي دي بتوعدهم بالأمان والدعم والحماية والراحة.
2- عندهم عدم استقرار نفسي: دراسات كتير لقت إن كتير من أعضاء الطوائف كان عندهم مشاكل نفسية قبل ما ينضمولها زي انعدام الثقة بالنفس وإنهم طول الوقت بيدوروا على تقبل الناس ليهم.. الطوائف دي بتستغل النقص ده وبتقدم نفسها كحل لكل مشاكلهم.
3- بيتم التلاعب بيهم: زعماء وقادة الطوائف غالبا بيوعدوا أعضاءهم بمكافآت أو بحسنات أو مزايا أو مستقبل أحسن جوا الطائفة.
وبطبيعة الحال بعد كل التفاصيل دي.. الخروج من الطوائف بيكون صعب لإن أعضاءها عادة بيكونوا معزولين عن العالم الخارجي وممكن بعد فترة من العزلة يكون عندهم صعوبة في تصديق الناس اللي برا الطائفة لإنهم بيكونوا تم إقناعهم إن كل اللي برا هم (غلط – وحشين – أعداء).
ولو عايز تقرأ أكتر عن الموضوع دي شوية مصادر ممكن تبدأ منها:
How Stuff Works – Very Well Mind – Working Psychology – Britannica – Changing Minds – Cult Recovery 101 – ScienceDirect – Cult Education Institute