ليه العقاد كان عبقرية من العبقريات في التنويع والإبداع الفني والثقافي؟

كتب: عمر عزت

 

“فكر في واجبك كما تفكر في حقك.. واعمل طلبا للإتقان لا طلبا للشهرة والجزاء.. ولا تنتظر من الناس أكثر مما يحق للناس أن ينتظروه منك”

النهاردة ذكرى ميلاد عباس العقاد اللي اتولد في 28 يونيو 1889 وتوفى في 13 مارس 1964.. وبالمناسبة دي حبينا ناخد جولة في عالم “عباس العقاد” اللي يعتبر عَالَم كبير أوي ومليان بالأعمال المتنوعة وكمان القوية في كل مجالات الفن والإبداع.. فا هنلاقيه كان أديب كبير وصحفي وشاعر ومؤرخ وفيلسوف وسياسي بس الأهم من التنوع إنه كان مبدع بشكل كبير في كل مجال بشكل منفرد.

صغيرٌ يطلبُ الكِبرا .. وشيخٌ ود لو صَغُرا

وخالٍ يشتهي عملًا .. وذو عملٍ به ضَجِرا

ورب المال في تعب .. وفي تعب من افتقرا

وذو الأولاد مهمومٌ .. وطالبهم قد انفطرا

ومن فقد الجمال شكي .. وقد يشكو الذي بُهِرا

ويشقى المرء منهزما .. ولا يرتاح منتصرا

ويبغى المجد في لهفٍ .. فإن يظفر به فترا

شُكاةٌ مالها حَكَمٌ .. سوى الخصمين إن حضرا

فهل حاروا مع الأقدار .. أم هم حيروا القدرا؟”

برغم قوة أعماله و الجدالات الكتير اللي دخل فيها مع أدباء عصره الكبار وكمان جزء علاقات الحب اللي أثرت عليه وأثرت فيه إلا إنه في الأبيات دي بيختصر قصة حياة الإنسان وإنه دايمًا حيران بين حاجتين وهم تحقيق أو عدم تحقيق الهدف اللي نفسك فيه فا هتلاقيه بيقول إن الصغير عايز يكون كبير ولما يكبر بيبقى عايز يرجع صغير تاني وبيكمل في باقي جوانب الحياة إنك هتفضل محتار بين نقطتين وهم نقطة البداية ونقطة الوصول وفي الآخر بيسأل “هل إنت محتار مع القدر ولا القدر هو اللي محتار معاك!”

العقاد ساب المدرسة بعد الابتدائية.. بس اتلقب بـ “راهب محراب الأدب” والتشبيه هنا إنه كرّس حياته للأدب وقراءة آلاف الكتب وادالهم مساحة كبيرة.. فا لما نيجي نروح لعالم العقاد المتنوع هنلاقي فيه:

1- الكتب

من أشهر الكتب اللي أبدع فيها العقاد هي “مجموعة العبقريات الإسلامية” وهي عبقرية محمد وعبقرية الصديق وعبقرية عمر وعبقرية الإمام علي وعبقرية خالد وعبقرية عثمان وعبقرية المسيح.. وحسب موقع GoodReads هو مش بس كان بيكتب تاريخ الأشخاص لكنه كان بيحلل الشخصيات والمواقف والأحداث من خلال المعالجة والمناقشة للكتب التاريخية والمراجع الكبيرة بتاعتها وفي عبقرياته استعرض وأبدع وتألق في تقديم الشخصيات كلها لكن تعليقه على عبقريات الصديق في أول كتابه إنه رسم للصديق صورة نفسية تعرفنا بيه وتظهرلنا خلقه ودوافع أعماله.

ولما نروح لباقي الكتب هنلاقي شوية من أفضل الكتب اللي ألفها العقاد وهي “أفيون الشعوب” واللي فيه بيواجه الفيلسوف كارل ماركس وبيرد على الشيوعية واللي قال في الكتاب “الدين يولد شعورًا بالمسؤولية لدى الفرد ويجعله في حذر من اقتراف الذنوب.. أما إنكار الدين فيؤدي لتخدير ضمائر الناس وعدم مبالاتهم” وده لأن كارل ماركس كان بيشوف إن الدين بيلهي الشعوب عن متاعب الحياة وصعوباتها وبيفتح مساحة لأصحاب رؤوس المال إنهم يستغلوا ده.. وبعض الكتب الأخرى زي:
– كتاب “أنا”

– رواية سارة

– كتاب أبو العلاء

– كتاب إبليس

– كتاب ساعات بين الكتب

– كتاب ألوان من القصة القصيرة في الأدب الأمريكي

في كتبه هنلاقيه بيحكي عن نفسه وبيبدأ يعرفنا على العقاد من وجهة نظر العقاد مش تحليلات شخصية من ناس تانية أو آراء.. بعدها بياخدنا للجانب العاطفي زي “رواية سارة” واللي فيها احتار الكتاب والنقاد هل هي شخصية حقيقية ولا من وحي خياله.. بس قبل وفاته بيصرح إنها شخص حقيقي.. كمان جزء النقد الأدبي اللي ظهر قدامنا في كتاب “شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة” بيبدأ فيه يعرض قصة حياة عمر بن أبي ربيعة وبين القصة بيناقش شعره ويقارن بين لونين من الغزل كانوا موجودين في الوقت ده واللي كان دليل على التنوع الكبير في كتابات العقاد.

2- الشعر

إثبات على التنوع اللي عمله العقاد والدواوين اللي كتبها وأبدع فيها كشاعر فهنلاقي مجموعة من الدواوين زي:

– ديوان من الدواوين

– ديوان عابر سبيل

– ديوان وهج الظهيرة

– ديوان وحي الأربعين

– ديوان هداية الكروان

قبل ما ناخد جولة بسيطة في الدواوين دي فا العقاد كان بيشوف إن الشعر ده مجموعة صفات خاصة منعكسة على الشاعر.. كمان بيعرّف الشعر في كتابه “خلاصة اليومية والشذور” إنه توليد العواطف عن طريق الكلام.

وتنوع داخل التنوع لما نبص على دواوين العقاد هتلاقيه بيتناول الجانب النفسي والعاطفي والغزلي.. كمان هيستعرض في ديوان “عابر سبيل” أغراض شعرية متنوعة عشان يقول إن الشعر مابيقولش ولا بيوصف غرض واحد لكنه بيقدر يتكلم في نواحي كتير من الحياة.. العقاد اتجه للتجديد في ديوان “عابر سبيل” فبدأ يبعد عن الأسلوب القديم وبدأ كمان يثبت إن الشعر بيقول حاجات كتير مش حاجة واحدة فعبر عن الحب والجمال والطبيعة والوطنية الصادقة وكمان الإيمان!

ونال الكروان نصيبه من بلاغة وجمال العقاد الشعرية فبدأ يتكلم عن ليه “الكروان” طائر مميز عن غيره من الطيور عند العرب ووجدانهم.. فيعتبر إهداء مجازي للكروان

3-  بين الفلسفة والنقد

نقدر نقول عليه زي ما قال المتنبي “من أنه قد ملأ الدنيا وشغل الناس وأثار الصداقات والعداوات.. وخاض المعارك في شجاعة وصلابة” فنلاقيه كوّن صداقات فعلا ودخل في عداوات ومعارك بين كبار الشعراء والأدباء وكان شجاع بدرجة كبيرة ومابيخافش وهنا لازم نقول المعركة اللي دارت بينه وبينه أمير الشعراء “أحمد شوقي” في كتابه “الديوان في الأدب والنقد” وأسّس مدرسة اسمها “مدرسة الديوان” مع عبدالقادر المزني وعبدالرحمن شكري وهنا دعا لتجديد الصورة والخيال والتزام الوحدة العضوية في البناء الشعري والوحدة العضوية هي إن القصيدة تكون مترابطة ماتقدرش تقدم ولا تأخر بين الأبيات لأن القصيدة بتكون عضو واحد متكامل ومرتبط الأجزاء وبنلاقيها في الشعر بس.. ونلاقيه كمان عمل معارك فكرية مع “مصطفى صادق الرافعي” والأديب والدكتور “طه حسين” وكمان “زكي مبارك”

ومعاركه ماكانتش بس بين الأدباء والكتّاب لكنه دخل في معارك سياسية كتير ومنها ثورة 1919 نلاقيه دخل في معارك مع الناس اللي بتنتقد سعد زغلول وأكتر من معركة تخص الحروب والسياسة اللي كان منها مع الملك فاروق لما صادر كتابه “ضرب الإسكندرية” لأنه شاف إنه هيعمل مشاكل لعيلته وللإنجليز.

في النهاية هنلاقي العقاد اشتهر بالصالون الأدبي اللي أنشأه في أوائل الخمسينات اللي كان بيتعقد  كل جمعة وبيحضره المفكرين والفنانين وبيتعرض فيه مسائل العلم والتاريخ والأدب وساب إرث كبير جدًا من الكتب أكتر من 80 كتاب ومقالات كتير ودواوين شعرية وقصة واحدة.. ساب إرث وبصمة كبيرة في تاريخ الأدب وكان من أقوى الكتاب والأدباء في القرن العشرين.. ورحل عننا سنة 1964 لكنه فضل موجود بيننا بكل الأعمال بتاعته

قولنا أكتر عمل قرأته للعقاد وعلّق معاك واستفدت منه استفادة كبيرة.

Related Articles

Back to top button