العالم مكان عادل.. أهم الأسباب اللي بتخلي الناس تلوم على الضحية وتتعاطف مع الجاني!
أي شخص نجى من إعتداء جنسي هيلاقي الناس بتسأله كنتي لابسه إيه وقتها؟ وأي حد اتعرض برضه لإعتداء جسدي هيلاقي الناس بعد الموقف بتسأله عملت إيه للي ضربك أو اللي أذاك عشان يأذيك؟ وفي كل الحالات بيسألوا المجني عليه عن سلوكه وأفعاله وقت الإعتداء وليه على الأقل ماقاومش أكتر شوية؟
ويمكن ده شوفناه بشكل أكبر وأوضح شوية في قضية قتل الطالبة نيرة أشرف وإن بعض الناس لامت عليها أو سألت على سلوكها في حين إن فيه شخص قتلها وتم التعاطف معاه من بعض الناس واتجمع له فلوس عشان محامي شهير يترافع في قضيته وفلوس فدية.
وبالرغم من كل حملات التوعية والنضج اللي البني أدم وصل له، إلا من الواضح إن اللوم على الضحية هي حاجة متبرمج بيها العقل البشري على أساس مستوى كويس جدا، بس اسأل نفسك كده إذا كان الضحية فعلا ممكن يعمل حاجة عشان يعملوا مأساة لنفسهم؟ لكن موقع psychology today فسر ليه ممكن مثلا عشان يطلع الضحية كان غلطان في حاجة وإن هو مش غلطان في نفس الأفعال اللي عملتها الضحية وبكده هو في أمان، وقال كمان مثال إن لو جار ليك بيته اتسرق أكيد هتفكر إنه كان عامل حاجة غلط زي إنه ماكنش قافل كويس أو ممكن يبقى هو اللي عمل لنفسه أعداء وده بيخلي عندك راحة كبيرة تجاه إن استحالة يحصلك زي ما حصل له.
من مشاكل لوم الضحية إنها بتقلل من قيمة الفعل الإجرامي وبتخلي الناس أقل عرضة للبلاغ عن الجريمة اللي حصلت ليهم عشان كده مش المفروض تفتخر بلومك للجريمة عشان نقدر نوقف الفعل الإجرامي الناتج من الشخص الجاني.
وبالرغم من إن أغلب حالات اللوم على الضحية بتبقى جايه من شك أو جهل أو لا مبالاة أو إحساس بالتفوق والعجرفة على الضحية إلا إن فيه أسباب أهم من كده، علماء النفس لقوا إن إلقاء اللوم على الضحية بينشأ بشكل متناقض، لإنهم بيكونوا في أمس الحاجة لإحساس إن العالم مكان كويس وعادل لإن يوميا بنقرأ ونسمع أخبار فيها موت وقتل وحروب وحوادث وسرقة وغيره ومن الطبيعي إننا نحس بالرعب لإننا أكيد زينا زي الناس اللي بتأثر عليها الأحداث دي ولكن وفقا لعالم النفس “جانوف بولمان” في جامعة “ماساتشوستس روني” في بوسطن أغلبنا عنده حاجة اسمها “نظرة افتراضية إيجابية للعالم” وده اللي نبقى مؤمنين بسهولة إن بالحصانة ضد الكوارث، لإن أغلبنا بيعتقد إن الحاجات الكويسة بتحصل للناس الصالحين بس وإن إحنا ناس صالحين وإن العالم مكان منصف وعادل وجميل.
وقال كمان إن معظمنا استوعب المعتقدات دي في سن صغير عن طريق بابا نويل والأساطير والحواديت بتاعت الناس الطيبة لكننا لما بننضج شوية بنعرف إن ساعات بيحصل العكس وإن فيه حاجات سيئة بتحصل لناس طيبة عادي لكن بالرغم من كل ده فيه ناس لسه معتقدة إن العالم مكان عادل وده بسبب بعض الجمل اللي بنستخدمها دايما زي “كل واحد بيحصد اللي بيزرعه” واللي زيها، ومع إنها معتقدات وهمية إلا إنها ضرورية عشان نقدر نعيش بسعادة نوعا ما في العالم المخيف.
وبيقول عالم النفس “ميلفين ليرنر” إننا محتاجين نحافظ على معتقداتنا إن العالم مكان عادل لإن لما بتحصل حاجة سيئة لحد شبهنا فده معناه إننا مهددين وفي خطر عشان كده لازم نرمي اللوم عليه بدل ما نحس إننا ممكن نقع ضحية زيه وفي نفس مكانه وعشان نقدر نحس إن العالم مكان وردي وبالتالي بنشوف عنده مشكلة إحنا استحالة نعملها وبالتالي الحدث السئ مش هيحصلنا لإن العالم مكان عادل.
قضية نيرة أشرف خلتنا ناخد بالنا إن فيه ناس مش بتلوم الضحية بس لا دي بتتعاطف مع القاتل كمان، وبما إن دي مش أول مرة يحصل إن الناس تتعاطف مع القاتل وحصلت كذا مرة في أماكن كتير في العالم خلينا نقولك إيه سبب تعاطف بعض الناس مع القاتل زي ما قال موقع “svdimensie” في واحد من مقالاته.
ببساطة الناس بتتعاطف مع القتلة لإنهم بيحطوا نفسهم مكان القاتل وبيتخيلوا هيتصرفوا إزاي في المواقف اللي شبه دي ومثال على كده في حالة القاتل المتسلسل “جيفري دامر” اللي قتل 17 شاب بين السبعينيات والتسعينيات بعد ما يخدرهم.
وبدأ الناس يبرروا له إنه طفولته اتشكلت في وسط غياب عاطفي وإهمال من الأهل وإنه اتحول لمراهق متوتر ووحيد وبالرغم إن فيه مراهقين كتير مروا بنفس اللي مر بيه إلا إنهم ماتحولوش لقتله والناس تعاطفت مع القاتل برضه، والتعاطف ده كان باين من رسايل المعجبين والكتب اللي اتكتبت عنه والطريقة اللي الخبراء اتكلموا بيها عليه ووصفوه إنه شخص متضرر ومضغوط وكانت أمنيته الوحيدة إنه يلاقي حب وقرب وده اللي كان “دامر” بيقوله إنه بيحتفظ بالضحايا أطول فترة ممكنة عشان يلاقي حد قريب منه.
لكن فيه بعض النظريات في علم النفس بتقول إن بعض القتلة المتسلسلين ليهم سحر حقيقي وبيعرفوا إزاي يستخدموه زي القاتل المتسلسل ” Rodrigo Alcala-Buquor ” اللي كان بيعرف إزاي يبقى لطيف ويغزال الستات وشارك في برنامج مواعدة اسمه “The Dating Game” سنة 1978 ، وفاز بالبرنامح وبقلب الجمهور كمان.
عشان كده بعد كل الأسباب دي منطقي تلاقي ناس بتتعاطف مع القتلة وجرائمهم، لكن ماينفعش ننسى إنهم قتلة حقاقين وأذوا ضحاياهم واتسببوا لناس كتير في ألم لما خلوهم يفقدوا أصحابهم أو أهلهم.. فماينفعش أبدا نخلى الموضوع رومانسي أو نمجد الشخص.
في المرة الجاية اللي ممكن حد يسألك فيها عن رأيك مين المسؤول الضحية ولا الجاني، اسأل نفسك قبل ما تجاوب إزاي ممكن تحس بمعاناة ومأساة الشخص ده، لإن بالتعاطف والحق العالم هيكون مكان عادل مش باللوم على الضحية ولا إنكار حقيقة إن المشكلة ممكن تحصلك.