في ذكرى ميلاد “هاروكي موراكامي” مراجعة لروايته “كافكا على الشاطئ”

كتب: عمر عزت

 

بمناسبة عيد ميلاد الأديب الياباني “هاروكي موراكامي” حبينا نعمل ريفيو عن أكتر الروايات اللي نالت إهتمام كبير من بين أعماله.. وهي بتعتبر من أفضل الحاجات اللي قدمها لمحبيه والناس معجبه بقراءاته..  وهي “كافكا على الشاطيء” اللي اتنشرت سنة 2002

الرواية بتحكي قصة شاب عنده 15 سنة بيحاول يهرب من البيت عشان واجه مشاكل مع باباه وحابب يشوف هيوصل لإيه.. وفي نفس الوقت  قصة عجوز بيقدر يتواصل مع القطط بلغتهم مش بشكل كبير طبعاً زي تواصله مع البشر ولكنه بيعرف يعمل ده.. الرواية فلسفية وفيها تساؤلات كتير فا خلونا نحاول نراجعها.. 

وعليك أن تنجو وسط تلك العاصفة الباطشة الميتافيزيقية الرمزية، بغض النظر عن ميتافيزيقيتها أو رمزيتها. الخطأ ممنوع: ستقطع العاصفة اللحم كالآف الأنصال. وسينزف الناس هناك، وستنزف أنت أيضاً، ولحظة انتهاء العاصفة، لن تتذكر كيف نجوت منها، لن تتذكر كيف تدبرت أمرك لتنجو، ولن تدرك هل انتهت العاصفة أم لا. ستكون متقيناً من أمر واحد فقط: حين تخرج من العاصفة، لن تعود الشخص الذي دخلها، ولهذا السبب وحده، كانت العاصفة.

الجزء ده  من الرواية كان بيطرح تساؤل إزاي بنتعامل مع المشاكل والأحداث الكبيرة في حياتنا؟ بتسأل نفسك دايماً أواجه ولا أهرب من الحوار اللي مقابله.. هل هغلط ولا هتعامل صح وهل أنا عارف الصح ومتأكد إنه صح ولا شايف غلط!
إنت كده كده هتواجه المشكلة في وقت ما وهتتأثر وتعدي بمراحل خلالها وبعد فترة هتخلص الحاجة اللي بتواجهها ولكن مش هتفتكر إنت عديت منها إزاي وفكرت إزاي عشان تعديها؟ وهتخرج نفس الشخص ولا في حاجة جواك هتتغير؟

مرحباً، هتف العجوز.

رفع القط الأسود الكهل الضخم رأسه قليلاً، ورد التحية مستغرباً بنوع من الهمهمة.

الطقس رائع اليوم، أليس كذلك؟

(ممم)

ولا سحابة في السماء
حتى الآن
سيسوء الجو إذن؟

أشعر أنها ستغيّم في المساء..
مطّ القط الأسود قائمتيه الخلفيتين ببطء، ثم زمّ عينيه ونظر ثانية إلى العجوز نظرة طويلة فاحصة قابلها الرجل بابتسامة عريضة. تردد القط برهة ثم حسم أمره وتحدّث  ممم… تستطيع أن تتحدث إذن؟

“هذا صحيح” أجابه العجوز بحياء وتهذيب، ورفع قبعته القطنية الرثة، بالطبع لا يمكنني محادثة كل قط أقابله. فقط إذا سارت الأمور جيداً، مثلما يحدث الآن.

شيء مثير للاهتمام، رد القط ببساطة.

وهنا بنروح للناحية التانية من الرواية، حدوتة في مكان تاني لراجل عجوز بيقدر يتكلم مع القطط وبكده بنعيش مع قصتين في عالمين مختلفين .. بطل القصة الأولى طفل عنده 15 سنة بيهرب من بيته عشان مشاكل مع أبوه والجانب الأخر شخص عجوز بيتكلم مع القطط..

 وخلال ما إحنا بنتنقل بين العالمين بتظهر قصة حادثة بتحصل في الغابة عن مجموعة أطفال مع المدرس بتاعهم اتعرضوا لحالة إغماء والجيش بيحاول يكتشف السبب اللي خلاهم يغمى عليهم ويفقدوا وعيهم لأن مفيش أي دليل واضح!

وبعد شوية بنلاقي إن بطل الحدوتة كافكا.. الطفل اللي عنده 15 سنة بيفوق من حالة إغماء ويلاقي نفسه في غابة ومش عارف أي ملامح ومش قادر يتصرف وبنشوف بعدها هيعمل إيه؟

ألا تمانع إذن إذا دعاك ناكاتا باسم كاوامورا؟ كرّر سؤال القط البني المخطط، مردداً الكلمات ببطء، ليجعلها مفهومة قدر الإمكان.
هذا القط بالذات قال إنه رأى جوما- القطة المشمشية التي لم تكمل عامها الأول – في هذه النواحي.
ولكنه  – أي القط – يتحدث بطريقة غريبة جداً بالنسبة إلى ناكاتا وهذا هو رأي القط حياله، إذ بدا أنه يجد صعوبة بالغة في فهم ناكاتا كان حوارهما أشبه بحوار الطرشان . لا أمانع أبداً يا أطول الرؤوس.

معذرة، لكن ناكاتا لا يفهم ما تقول. اعذرني، فأنا لست ذكياً».

إنها تونة من البداية حتى النهاية .
أتقول إنك تريد أن تأكل التونة؟
لا، اليدان موثقتان من قبل.

في الجزء ده “هاروكي” بيوصل فكرة إن – ناكاتا – صاحب القصة التانية على الرغم إنه بيعرف يتكلم مع القطط إلا إنه مش ذكي بالعكس دايماً بيوصف نفسه إنه بطئ الفهم وبيستوعب ببطء وبيقول علامة مميزة بتفرق في ألوان القطط وطريقة الكلام معاهم.. أغلب الناس بتحس في فترات من حياتهم  إنهم بيشبهوا ناكاتا وإن طموحات الطفولة و خيالات الطفولة بتصطدم في وقتٍ ما بواقع من الأخر بيقولنا “إنت كنت بتحلم لكن الواقع غير..”

بمجرد أن رأيت ظهرك عرفت أن عظامك ليست في موضعها الصحيح. عندما أرى الأشياء في غير موضعها الصحيح أرغب في تصحيحها، لقد صنعت الأثاث لفترة طويلة، وكنت كلما رأيت شيئاً معوجا، أقوم بتقويمه. هكذا هو ناكاتا. ولكن هذه المرة الأولى التي أقوم فيها عظام أحدهم.

أعتقد أنها موهبة فطرية، قال هوشينو منبهراً
ناكاتا كان يستطيع محادثة القطط.
أتمزح؟!

وهنا بنشوف شخص بسيط عنده موهبة فطرية أو البعض بيشوفها هبة ربانية.. وعلى ذكر الشخص ده بفتكر ست عجوزة في بلدي في الأرياف في طنطا، كان بيتحكي عنها إن ربنا كارمها بموهبة إنها تقدر تعالج أي كدمة أو إصابة بشكل سلس جداً بالنسبالها وبالنسبة للناس لما تشوف هي بتعالجها إزاي.. تقريباً زي ما كلنا بنعمل ونحط مراهم ومسكنات وهكذا.. وأنا في مرة جربت ده بنفسي لما كان عندي إصابة لعب كورة في كف رجلي ولاحظت إنها بتمتم بكلمات وأعتقد إنها كانت بتقرأ آيات قرآن.. وكنت دايمًا بسمع حكاوي كتير عنها وبستغرب، لما نرجع للرواية وموضوع الكلام مع القطط .. فكرة خيالية بحتة وإن شخص بيكلم قطط ويتفاهم معاهم حتى لو بطريقة صعبة شوية فا إنت مش حاسس إن الموضوع غريب، إنت مندمج ومتعاطف مع الشخصية كأنه عادي وكأنه بيحصل قدامك في الحياة.. لأنك قادر تربطها بحاجات عيشتها أو حتى سمعت عنها 

حسناً، ماذا بيد البني آدم؟ أنا من جَلَبَ كل هذا على نفسه،
لقد اخترت هذه الدرب وعليا المضي فيها حتى النهاية. ومن الصعب أن أتخيل أي عجائب ستظهر فجأة ولكنني بخير مع هذا، لابد أن أبذل كل ما في وسعي الحياة قصيرة وقد عشت أيامي الحلوة.

أغمض عيني، وأسترخي مرخياً عضلاتي المتوترة. أصيخ السمع لهمهمة القطار الثابتة ثم، ودون مقدمات تسقط دمعة دافئة من عيني، تسيل على خدّي، وبعد فترة تجف. لا يهم، أقول لنفسي. إنها دمعة واحدة لا غير. أنا حتى لا أشعر أنها دمعتي، على الأرجح هي قطرة

من المطر الذي يهطل في الخارج.

هل فعلت الصواب؟

 هاروكي موراكامي بيحاول يعيش البطل دايماً لوحده عشان يشوف هو هيشوف إيه؟ هيعمل إيه؟ هيوصل لـ إيه؟

بيجرب يظهر نتيجة العزلة والبعد عن المحيط اللي حواليك وتجديد البيئة أو المنطقة أو تغيير الأشخاص عشان يديك فرصة تشوف نفسك تاني بشكل مختلف وسط عالم تاني.

وساعات كان بيحاول يظهر  عُزلة من نوع أخر وهو إنه يعزل الشخص عن نفسه ويخليه يتابع نفسه من الخارج.. إزاي بيتصرف ويقيم الحالة اللي عايشها مش بس يقيم المحيط الخارجي والأشخاص.

في النهاية دايماً هتلاقيه بيبحث عن معنى اللي هو عمله وبيتساءل.. هو كده عمل الصح ولا لأ؟ واللي عمله ده، له معنى ولا لأ؟

آراء وانطباعات الناس اختلفت عن “كافكا على الشاطيء” بين هل هو قدر يوصل الحدوتة والمعنى اللي جواها بشكل صح وواضح ولا ماقدرش يوصف الحالة اللي في دماغه عن القصة ويوصلها للناس زي ما عاشها في خياله.

لو إنت قرأت الرواية قولنا إنت فهمت إيه ووصلك منها إيه وعجبتك ولا لأ؟.. ولو لسه ماقريتهاش فمفيش فرصة أحسن من دي إنك تبدأ.. ومعرض الكتاب قرب فمالكش حجة انزل اشتريها.

Related Articles

Back to top button