إيه اللي بيخلي بعض الرجالة المشهورين يقوموا بالتحرش أو الاغتصاب؟
كتب: عمر هشام
بقالنا فترة كبيرة بنلاقي أسامي ناس مشهورة كتير مرتبطة بقضايا اعتداء جنسي وتحرش واغتصاب. فنانين ولاعبي كرة قدم ومغنيين وشخصيات عامة والأمثلة كتير، أحداث وقضايا بتحصل في أوقات مختلفة، بس كلها مرتبطة ببعضها.
وده يبان شيء غريب شوية لبعض الناس، لما يكون مرتبط بشخص مشهور ومعروف، لأنه مش بس بيعرض اسمه وسمعته وشهرته للخطر، لكنه كمان عنده كل الامتيازات اللي “المفروض” تمنعه إنه يعمل جريمة زي دي، وبالرغم من كل الامتيازات دي، بيقوم بارتكاب الجريمة، سواء كانت تحرش أو اعتداء جنسي أو اغتصاب.
إحنا دوّرنا وحاولنا نوصل لإجابة.. إيه اللي بيخلي حد مشهور يقدم على فعل زي ده؟ ليه في القضايا اللي تخص رجالة مشهورين، الناس بتميل لتكذيب الضحية ودعم الجاني؟ وليه أغلب الرجالة المشهورين بيفلتوا من العقاب على قضايا زي دي؟
للحظة الأولى، بنفتكر إن المغتصب أو المعتدي له شكل مختلف عن الشخص العادي، بنتخيل إنه لازم يبقى عنده صفات بتدل على الجريمة والشر. ورغم إن إحنا طول الوقت بنقول إن الاغتصاب جريمة بشعة بكل المقاييس، بس لازم كمان نقول إن “شكل” المغتصب مش مختلف عن شكل أي شخص عادي، وأحيانا حتى صفاته. المغتصب ده ممكن يبقى أي حد بتقابله في المواصلات عادي، أو في شغلك، أو جارك، أو أقرب صحابك، أو حتى حد من أسرتك، أو الفنان اللي بتحبه أو المغني اللي بتسمعه أو لاعب كرة القدم اللي بتشجعه.
طبعا المجتمع العالمي كله بيعاني من الخلل ده والجرايم دي، وبديهي إن الأخبار والأنباء والمعلومات عن الأشخاص المشهورين “سيئي السمعة” هتتصدر مشاهد أوسع بكتير في الصحافة والإعلام العالمي بسرعة أكبر، من الأشخاص العادية.
وكمان وقوف القضايا بعد الضجة الإعلامية الكبيرة بيكون واحد من عوامله هو “اسم” المتهم الكبير والمشهور، وهو السبب نفسه اللي بيزود من ضجة القضية في بدايتها.. بس “منطقيًا” ليه شخص مشهور أصلا، عنده محبين ومريدين وناس بتحبه وعايزاه، يقع تحت شبهة الاغتصاب؟
حسب موقع “إضاءات“، علماء وأخصائيين طب نفسي كتير أكدوا أكتر من مرة إن الشهوة الجنسية مش هي الدافع للاغتصاب، وإلا كل الرجالة كانوا هيبقوا مغتصبين، لكن أغلب اللي بيعملوا الجريمة دي بيعانوا من خلل نفسي نتيجة الرفض.
ولو كان الرفض بـ “يٌثير” بعض الرجالة، وخصوصا اللي اتعودوا على الرفض في أغلب مواقف حياتهم، فما بالك براجل مشهور أو فنان أو مغني، اللي مش متعود إن أي طلب يطلبه، يترفض، خصوصا في أي حاجة تخص الستات.
ولو اتفقنا إن الرفض هو واحد من مسببات الاغتصاب عند أغلب الرجالة، وخصوصا في الذكور المقتنعين بالتفسير اللي اتقدم من مدرسة فرويد، في القرن الـ20، واللي فسر احتمالية “كون المرأة تشتاق سرا إلى الاغتصاب”، فالعامل التاني هو عامل الخلل النفسي، حسب موقع “إضاءات“.
وحسب “BBC“، الموقع الاجتماعي للجاني بيلعب دور مهم في التعاطف معاه ودعمه، لأنك بتكون عارف الفنان وبتحبه، بس متعرفش أي حاجة عن البنت اللي اغتصبها. وفي معظم أحداث العنف الجنسي، الراجل بيكون عنده موقع أعلى من المرأة. مدير في الشغل أو أستاذ جامعي أو راجل غني وصاحب نفوذ أو فنان مشهور. الفجوة دي بين المعتدي وبين الضحية، يتدي المعتدي حصانة جماهيرية، وبتسيب الضحية في موقع مليان هشاشة وعزلة. والناس بتميل إنها تبرأ المشاهير اللي بيحبوهم. بالنسبة لهم بيكون المشاهير دول منزّهين عن الأخطاء، ومش بيعرفوا يفرقوا بين فنّهم وقيمته عندهم وبين أخلاقهم وسلوكيّاتهم.
كمان علم النفس بيرجح إن لوم الضحية بييجي من آلية دفاعية بيعملها الناس عشان يحطوا مسافة بينهم وبين الحدث الصادم وبيحمّلوا الضحية مسئولية الحدث عشان ده كآلية دفاعية بتخلي العالم أمان أكتر بالنسبالهم. وفي نفس السياق، اعتبر الفيلسوف الألماني ثيودور أدورنو إن “لوم الضحية” عموماً ومش بس في حالات العنف الجنسي، تعتبر واحدة من خصائص “الشخصية الفاشية”. وفي كتاب “الشخصية السلطوية”، اعتبر إن الشخص اللي عنده ميول فاشية “يحمل في نفسه ازدراءً لكل ما هو ضعيف أو يتعرّض للتمييز، مقابل تمجيده لكلّ ما هو قوي وعنيف.” حسب مقال في موقع BBC.
وكمثال على ده، في مقال في Detroit Free Press، قالوا إن حوالي 10% من قضايا الاغتصاب الخاصة بلاعبي كرة القدم اتحولت لـ “لا شيء”، واللاعب بيتحول من جاني لـ بريء، و 90% من الوقائع بيتم إثباتها في حق اللاعبين، أو القضية بتقف لحد ما ننساها وننسى إزاي بدأت وخلصت على إيه.
أخيرا، أصعب حاجة ممكن يعملها المتابع العادي إنه يحط الشخص المشهور أو الفنان في صورة الكمال، سواء كان الكمال الأخلاقي أو الفني أو الفكري أو أي نوع من الكمال. كتير من الفنانين والشخصيات العامة والمغنيين والرياضيين عملوا جرايم كتير، بين جرايم قتل، وبين جرايم مخدرات وفساد مالي وأخلاقي، لأنهم في الأول والآخر بشر، ولازم نتعامل معاهم على إنهم بشر، لأن زي ما أي قضية بتكون أصعب قدام الضغط الإعلامي، فإحنا كده بنزود صعوبة الوضع اجتماعيا بتبرئة أي حد مشهور في أي قضية لمجرد مكانته وقيمته.
ولو هنستفيد أي حاجة من أخبار الاغتصاب اللي تخص شخصيات عامة ومشهورين، فهي إننا نحاول نحل المعضلة العالمية دي عن طريق إننا نلغي أول أسباب الاغتصاب، وهي لوم الضحية وتبرئة الجاني قبل أي حاجة، خصوصا لو الجاني هو الراجل.