ذكرى ميلاد ريم بنا “صوت فلسطين”
“بالأمس .. كنت أحاول تخفيف وطأة هذه المعاناة القاسية على أولادي.. فكان علي أن أخترع سيناريو .. فقلت.. لا تخافوا.. هذا الجسد كقميص رثّ.. لا يدوم.. حين أخلعه.. سأهرب خلسة من بين الورد المسجّى في الصندوق.. وأترك الجنازة “وخراريف العزاء” عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام.. مراقبة الأخريات الداخلات.. والروائح المحتقنة.. وسأجري كغزالة إلى بيتي.. سأطهو وجبة عشاء طيبة.. سأرتب البيت وأشعل الشموع.. وأنتظر عودتكم في الشرفة كالعادة.. أجلس مع فنجان الميرمية.. أرقب مرج ابن عامر.. وأقول.. هذه الحياة جميلة والموت كالتاريخ.. فصل مزيّف..” – ريم بنا
النهاردة ذكرى ميلاد المغنية الفلسطينية الجميلة “ريم بنا” اللي توفت في 24 مارس سنة 2018، عن عمر 52 سنة، بعد صراع طويل مع مرض السرطان استمر 9 سنين.
ريم هي مطربة وملحنة فلسطينية اشتهرت بأغانيها الوطنية اللي حاولت تقدم فيها التراث الفلسطيني للعالم وقدمت مساهمات كتير في الحفاظ على أغاني تراثية كتير وكمان أغاني الأطفال.
ريم قدمت ألبومات غنائية كتير (حوالي 14 ألبوم) وشاركت في مهرجانات محلية وعربية ودولية، وأسلوبها كان بيتميز بدمج التهاليل الفلسطينية التراثية بالموسيقى العصرية.
“صوتي الذي كنتم تعرفونه توقف عن الغناء الآن، وربما سيكون هذا إلى الأبد”
ريم اتشخصت بسرطان الثدي سنة 2009 وعرفت تهزمه في الجولة الأولى، لكن رجعلها تاني سنة 2015، وأعلنت إنها هتبطل غناء سنة 2016 بعد ما تعرضت أوتارها الصوتية لشلل جزئي.
ريم كانت بتناضل في جبهتين، كانت بتقاوم الاحتلال الصهيوني بأغانيها وفنها، وبتقاوم مرض السرطان في حياتها، وبتقاوم خسارتها لصوتها اللي كان سلاحها الأقوى والأهم بالنسبالها.
“أتعامل مع مرضي كالأم التي ولدت طفلا مشوها أو معوقا، ولا تستطيع أن تتخلى عنه، بل تحتضنه وتساعده وتقدم له العلاج ليتعافى من الإعاقة”
ريم كانت محبوبة في الوطن العربي كله، مش بس فلسطين، وناس كتير كانت بتحب صوتها الرقيق، وروحها الحلوة، وأغانيها اللي كلها مقاومة وقوة وحماس، وناس كتير كانت بتلقبها بألقاب كتير زي “صوت القضية – صوت المقاومة – غزالة فلسطين – عنقاء الجليل”.
“في البداية، شبهت السرطان بالاحتلال، وبالتالي فكرت أنني لن أسمح للسرطان بأن يحتل جسمي، وكما أحارب الاحتلال سأحارب المعاناة التي أمر بها كمريضة”
ريم ماكنتش مهتمة بالشهرة أو الفلوس، كانت مهتمة بالقضية وبتوصيل صوتها وأغانيها للمعتقلين والأسرى وسكان المخيمات، في كل مكان، علشان تبقى أغانيها ونس ليهم وشباك مفتوح على الأمل.
ده غير إنها ماكنتش بتهتم بالموسيقى المنتشرة أو الكلمات الدارجة، كانت بتركز جدا في المواضيع اللي هتغني عنها، وكانت بتلحن الأشعار التراثية، وعملت ده مع قصايد محمود درويش وتوفيق زياد وسميح القاسم وغيرهم، فكانت أغلب أغانيها مزيج من الوطنية والثورية في إطار فني.
في سنة 2016، وزارة الثقافة الفلسطينية اختارت ريم بنا كشخصية العام الثقافية، وكان تم اختيارها سفيرة السلام في إيطاليا سنة 1994، وشخصية العام من وزارة الثقافة التونسية سنة 1997.
الشاعرة زهيرة الصباغ والدة ريم كتبت في رثائها: “رحلت غزالتي البيضاء.. خلعت عنها ثوب السقام، ورحلت. لكنها تركت لنا ابتسامتها تضيء وجهها الجميل، تبدد حلكة الفراق”
ألف رحمة ونور يا ريم!